أساطير البداية: كيف ظهرت عيدان الطعام في الصين؟ | كل شيء عن الصين

أساطير البداية: كيف ظهرت عيدان الطعام في الصين؟

عيدان تناول الطعام: حكايات غريبة من زمن الأسلاف.

قد يبدو استخدام عيدان تناول الطعام عادة بسيطة، لكنها تحمل في طياتها قصة ممتدة عبر آلاف السنين. فقد كان السبب الرئيسي وراء اختراعها هو التعامل مع حرارة الطعام المرتفعة، خاصة في زمن كانت فيه أدوات المطبخ بدائية أو شبه منعدمة. في العصور القديمة، لم تكن عظام الحيوانات خيارًا عمليًا نظرًا لهشاشتها وقصرها وصعوبة تشكيلها. لذلك، لجأ أسلاف الصينيين إلى الطبيعة، فوجدوا في الأغصان الرقيقة والخيزران مادة مثالية لصناعة أدوات تساعدهم على الأكل دون لمس الطعام مباشرة.

ومع مرور الزمن، تطورت هذه العيدان في الشكل والأسلوب، لكنها ما تزال حتى اليوم تحتفظ ببعض من خصائصها البدائية البسيطة، شاهدة على تاريخ طويل من التكيّف والإبداع الإنساني.

أساطير حول عيدان تناول الطعام الصينية.
أساطير حول عيدان تناول الطعام الصينية.

تتنوّع القصص، وتندمج الأسطورة بالحكمة، ليصبح كل زوج من عيدان الطعام أكثر من مجرد أداة, بل رمزًا ثقافيًا يُجسّد عمق التاريخ وسحر الحكاية. تابع القراءة لتكتشف  ثلاث أساطير مثيرة عن نشأة عيدان الطعام في الصين، وكيف أثّرت هذه الروايات في عادات الأكل الصينية عبر العصور.

اقرأ مقال شامل عن العيدان لتعرف المزيد عن عيدان تناول الطعام الصينية.

1-أسطورة جيانغ زيا وعيدان تناول الطعام:

في أعماق التاريخ الصيني، يظهر لنا الحكيم العسكري جيانغ زيا، المعروف بدوره البارز في دعم أباطرة أسرة تشو ضد أسرة شانغ. ورغم شهرته لاحقًا، فإن بدايته لم تكن مبشّرة… إذ قيل أنه لم يكن يبرع في شيء سوى الصيد، وكان يعيش في فقر شديد، إلى درجة أن زوجته ضاقت ذرعًا بعيشته البائسة وخطّطت للتخلّص منه والزواج من رجل آخر.

أسطورة جيانغ زيا وعيدان تناول الطعام.
أسطورة جيانغ زيا وعيدان تناول الطعام.

🎈وذات يوم، عاد جيانغ من رحلة صيد بلا غنيمة. استقبلته زوجته بوجه متصنّع وقالت له:"لا بد أنك جائع… لقد أعددت لك لحمًا! تعال وتناوله!" انطلق جيانغ نحو الطعام، وما إن مدّ يده ليأخذ قطعة من اللحم، حتى نقر طائر غريب يده شعر بالألم وصرخ، لكنه حاول من جديد فعاد الطائر ونقره مرة أخرى!
🎈أثار الأمر حيرته، وتكررت المحاولة أكثر من مرة. عندها، أدرك جيانغ أن الطائر ليس عاديًا بل طائر إلهي جاء لتحذيره. طار الطائر أمامه نحو تلة بعيدة حيث لا أحد يراه، ووقف فوق فرع خيزران، مغنيًا:"يا جيانغ زيا لا تأكل اللحم بيديك العاريتين، استخدم ما تحت قدمي."
🎈فهم جيانغ الرسالة، وكسر عودين من الخيزران ليستخدمهما بدلاً من يديه. وعندما عاد إلى المنزل، وجد زوجته تحثّه مجددًا على تناول اللحم. استخدم العودين ورفع قطعة اللحم وفجأة تصاعد الدخان منها! تظاهر جيانغ بالإغماء وقال:"ما هذا الدخان؟ هل يمكن أن يكون سامًا؟" ثم ناول اللحم لزوجته، التي فزعت وتحوّل وجهها إلى شاحب، وخرجت مسرعة من شدة الخوف.
🎈هكذا، فهم جيانغ أن عيدان الخيزران السحرية التي قدمها له الطائر الإلهي، قادرة على كشف السم. فصار يتناول طعامه بها باستمرار. ومنذ تلك الحادثة، لم تجرؤ زوجته على تسميمه مجددًا.

انتشر الأمر بين الجيران الذين بدؤوا بتقليده، ولاحقًا انتشرت عادة تناول الطعام باستخدام العيدان في أنحاء مقاطعة سيتشوان وغيرها.

2-أسطورة دا جي وعيدان تناول الطعام الزمردية:

في عمق مقاطعة جيانغسو، تتردد أصداء أسطورة غريبة ومثيرة تدور حول شخصية الإمبراطور تشو، الذي كان معروفًا بتقلّبات مزاجه الحادة، خاصة أثناء تناول الطعام. لم يكن راضيًا بسهولة, تارة يشتكي من أن السمك غير طازج بما فيه الكفاية، وتارة أخرى يرى أن حساء الدجاج إما ساخن لدرجة لا تطاق، أو بارد لدرجة لا تُغتفر. ونتيجة لذلك، دفع العديد من الطهاة حياتهم ثمنًا لعدم إرضائه.

أسطورة دا جي وعيدان تناول الطعام الزمردية.
أسطورة دا جي وعيدان تناول الطعام الزمردية.
 
🍀في خضم هذا الجو المتوتر، كان "دا جي"، أحد الطهاة الجدد، يعلم جيدًا أن إرضاء الإمبراطور مهمة محفوفة بالمخاطر. لكنه لم يكن وحده، فزوجته كانت له سندًا ذكيًا. كانت تتذوق الأطباق قبله بدقة لتتأكد من ملاءمتها، في محاولة لتفادي أي غضب إمبراطوري.
🍀في أحد الأيام، كان الطعام لا يزال ساخنًا عندما اقترب الإمبراطور من الطاولة، ولم يكن هناك وقت لتبريده أو تغييره. عندها قامت زوجة دا جي بخطوة جريئة: خلعت دبوس شعرها المصنوع من الزمرد واستخدمته لالتقاط الطعام، ثم نفخت عليه بخفة قبل أن تضعه في فم الإمبراطور.
🍀بفضل هذه اللمسة الذكية، أعجب الإمبراطور كثيرًا بالخدمة، وطلب أن تكرر هذه الطريقة في كل مرة. فكر دا جي في حل دائم، وطلب من أحد الحرفيين صناعة زوج خاص من دبابيس الشعر الزمردية تُستخدم فقط لتقديم الطعام.

وهكذا، يُقال إن هذا الحدث كان أول ولادة لشكل بدائي من عيدان تناول الطعام، المليئة بالأناقة، والمرتبطة بحكاية خُلدت في الذاكرة الصينية.

3- أسطورة سي دا يو وعيدان تناول الطعام:

🍓تنتشر هذه الأسطورة في شمال شرق الصين، وتحكي عن دا يو، البطل الأسطوري الذي كلّفه الإمبراطور شون بمهمة السيطرة على الفيضانات خلال عهد الإمبراطورين ياو وشون. بعد أن تسلّم الأمر، أقسم يو على محاربة الفيضانات حتى القضاء عليها بالكامل، وكرّس نفسه للعمل بلا كلل ليلًا ونهارًا، متجاهلًا النوم والطعام والراحة.

🍓في أحد الأيام، وبينما كان في طريقه عبر الأنهار، شعر بجوع شديد فتوقف على جزيرة وطهى بعض اللحم في قدر من الطين. وعندما نضج اللحم، لم يستطع الإمساك به بيديه لأنه كان لا يزال ساخنًا جدًا، كما أنه لم يكن يملك الوقت الكافي لانتظاره حتى يبرد. حينها، التقط غصنين صغيرين من الأشجار واستخدمهما لانتشال اللحم من الماء المغلي وتناوله بسرعة.

🍓ومنذ ذلك الحين، أصبح دا يو يعتمد على الأغصان الصغيرة أو الخيزران لاستخراج الطعام من الأواني الساخنة لتوفير الوقت. ومع مرور الوقت، أتقن هذه الطريقة، وقلّده مساعدوه، حيث وجدوا أنها وسيلة عملية لتجنب لمس الطعام الساخن أو الدهني بأيديهم.

أسطورة سي دا يو وعيدان تناول الطعام.
أسطورة سي دا يو وعيدان تناول الطعام.

وفي النهاية, ورغم أن هذه الحكايات لا تقوم على تاريخ موثق، فإنها تعبّر بصدق عن نظرة القدماء في الصين إلى الحياة. فهي تفسر اختراع عيدان الطعام على أنه استجابة لحاجة بسيطة ويومية، مما يجعلها، في نظر محبي الأساطير، أكثر قربًا إلى الواقع.

نتمنى أن تكونوا قد وجدتم في هذه الأساطير الصينية  عن عيدان تناول الطعام متعة وفائدة! نعدكم بمزيد من القصص الشيّقة في الأيام القادمة! ✨


إرسال تعليق

أرجوا أن المقال قد أعجبكم اذا كانت لديكم اي تساؤلات عن الموضوع يرجى ترك تعليق هنا

أحدث أقدم